لا ينسى الناس، أن الرئيس السادات، كان قد استقبل مناحم بيجين، رئيس وزراء إسرائيل، فى القاهرة عام ١٩٨٠، وأن إسرائيل تعمدت ضرب المفاعل النووى العراقى بعدها مباشرة، ليبدو الأمر أمام الرأى العام، وكأن مصر قد وافقت مسبقًا على ضرب المفاعل، وإن لم تكن وافقت، فقد باركت..
هذا ما أرادته تل أبيب، وقتها، أن يصل إلى ملايين المصريين والعرب، فى حين أن الحقيقة يمكن جدًا أن تكون على خلاف ذلك تمامًا، ويمكن أن يكون الرئيس السادات - وهذا هو الاحتمال الغالب - قد استقبل رئيس الوزراء الإسرائيلى، ثم انفض الاجتماع، وهو خالى الذهن تمامًا مما يمكن أن يكون استغلالاً رخيصًا، من جانب إسرائيل، للمقابلة فيما بعد.. وهو ما حدث!
يتكرر الأمر هذه الأيام، حين يقال فى أكثر من صحيفة، وفى أكثر من فضائية، إن استقبال الرئيس مبارك، لوزيرة الخارجية الإسرائيلية، الخميس الماضى، لم يكن بريئًا، وإن الوزيرة قد خرجت من الاجتماع، ومن قبل كانت قد اجتمعت مع الوزير أحمد أبوالغيط، بعد أن كانت قد همست فى أذن القاهرة، بأن الضربة القادمة لغزة، على وشك أن تقع، وأنها - أى الوزيرة - قد جاءت لتحيط القاهرة علمًا بجهنم التى سوف تفتح أبوابها على غزة!
وفى كل الأحوال، فتقديرى أن تل أبيب كانت قد بيتت النية مرتين: مرة لضرب غزة.. ومرة لإحراج القاهرة، وكان مجىء وزيرة خارجيتهم، فى هذا التوقيت على وجه الخصوص، فيه قصد، وفيه عمد، من جانبهم ويراد من ورائه توريط مصر، لتظهر أمام العالم العربى، وكأنها قد وافقت على بدء الغارات، أو كأنها قد أعطت الضوء الأخضر، من بعيد، ولم تعترض!
والحقيقة أن تطاول الصغار علينا هذه الأيام، قد زاد عن حدوده.. فتارة يتظاهر بعض الغوغائيين أمام السفارة المصرية فى دمشق، احتجاجًا على أن مصر تشارك فى حصار قطاع غزة، وكأن الذين تظاهروا قد أصيبوا بحالة من الحول البصرى، قبل أن يصابوا بالحول العقلى، ورأوا الحدود بين غزة ومصر، ولم يروا الحدود بين غزة وإسرائيل!!